يظهر الفرق بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في العديد من النقاط, مثل المفهوم العام والأهداف و المهارات, لكن رغم الاختلاف إلا أنهما يتكاملان مع بعضهما.
إذا اطلعت على أكثر التخصصات طلبا في عصرنا هذا ستجد من ضمنها تخصصا الذكاء الاصطناعي و الأمن السيبراني, حيث زاد الطلب على المتخصصين في الأمن السيبراني بشكل أكثر مما مضى, وذلك بسبب زيادة الهجمات الإلكترونية خلال الخمس سنوات الماضية, حيث بلغ متوسطها 758,000 هجوم سنويا — وفقا لمركز شكاوى الجرائم عبر الإنترنت التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI المعروف باسم IC3.
فكان لابد من تطوير تخصص الأمن السيبراني لحماية البيانات الحساسة من التسريب والاختراق من خلال تقنيات مثل التشفير وأنظمة الحماية المتقدمة, مما يضمن بقاء المعلومات الشخصية والمالية والمؤسسية في مأمن من أيدي المهاجمين.
بالرغم من تداخل هذين المجالين في كثير من الأحيان وتكاملهما معا, إلا أن هناك فروقات أساسية بينهما.
في هذا المقال, سنناقش الفرق بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني, مع التركيز على أوجه التشابه والاختلاف الرئيسية بينهما. (اكمال المقدمة)
مفهوم الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي هو فرع من فروع علوم الحاسوب يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء مهام تتطلب ذكاء بشريا, مثل التعلم و التفكير والتعرف على الأنماط, ويشمل تطوير خوارزميات ونماذج تمكن الآلات من تحليل البيانات والتعلم منها, واتخاذ قرارات معقدة بناء على تلك البيانات.
يتضمن ذلك مجموعة واسعة من التقنيات مثل تعلم الآلة Machine Learning, والشبكات العصبية الاصطناعية Neural Networks, و معالجة اللغة الطبيعية Natural Language Processing
مفهوم الأمن السيبراني
الأمن السيبراني هو مجال معني بحماية الأنظمة الرقمية و الشبكات والبيانات من الهجمات الرقمية, و الأضرار, أو الوصول غير المصرح به, يتجاوز الأمن السيبراني كونه مجرد تكنولوجيا, حيث يشمل سياسات وإجراءات تهدف إلى ضمان سرية و سلامة وتوافر المعلومات الرقمية. [1]
يركز الأمن السيبراني على عدة جوانب رئيسية, منها حماية البنية التحتية التقنية من التهديدات الخارجية, تأمين نقل وتخزين البيانات من التجسس أو التعديل, وضمان استمرارية العمل حتى في حالة التعرض لهجوم.
يستخدم الأمن السيبراني مجموعة من الأدوات والتقنيات مثل التشفير, و جدران الحماية, و أنظمة كشف التسلل, وبرامج مكافحة الفيروسات للحفاظ على الأمان الرقمي.
يتضمن الأمن السيبراني أيضا ممارسات مثل تقييم المخاطر الأمنية و إجراء اختبارات الاختراق للكشف عن الثغرات وتحليل الحوادث السيبرانية لفهم كيفية حدوثها ومنع تكرارها.
مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في جميع جوانب الحياة، أصبح الأمن السيبراني ضروريا لحماية الأفراد و الشركات والحكومات من الخسائر المالية والاختراقات الأمنية.
يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تحسين الأداء البشري من خلال الأتمتة الذكية, وذلك من خلال تطوير أنظمة قادرة على التعلم من البيانات واتخاذ القرارات بناء عليها, وتحسين نفسها بمرور الوقت. على سبيل المثال, يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم في تطوير أنظمة رعاية صحية قادرة على تشخيص الأمراض بدقة أعلى, أو في السيارات ذاتية القيادة للتقليل من حوادث المرور.
على الصعيد الآخر, يهدف الأمن السيبراني إلى حماية المعلومات الرقمية والبنية التحتية التقنية من التهديدات, يتضمن ذلك الوقاية من الهجمات السيبرانية واكتشافها والرد عليها وضمان سرية وسلامة وتوافر البيانات. يسعى الأمن السيبراني إلى منع التهديدات قبل حدوثها من خلال استخدام أدوات مثل جدران الحماية وأنظمة كشف التسلل وبرامج مكافحة الفيروسات, التي تتيح رصد الأنشطة المشبوهة ومنع الهجمات قبل أن تتسبب في أضرار. ماذا لو وقع هجوم ناجح كيف سيفيد الأمن السيبراني؟ في حالة وقوع الهجوم يعمل الأمن السيبراني على تقليل الأضرار من خلال الاستجابة السريعة واحتواء الحادث, وتحليل الاختراقات للتعلم منها ومنع تكرارها. بهذا, يمثل الأمن السيبراني خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات الرقمية, مما يضمن استمرارية الأعمال وحماية الأفراد من العواقب المدمرة للهجمات السيبرانية.
الفرق بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني يكون أيضا في التقنيات المستخدمة في كل منهما, نوضحها على النحو الآتي:
هناك العديد من التقنيات التي تدخل في بناء وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي, والتي تشمل ما يلي: [2]
أما تقنيات الأمن السيبراني فتشمل: [3]
يكمن الاختلاف بين الذكاء الاصطناعي في المهارات والفرص الوظيفية, لتكون على النحو الآتي:
الذكاء الاصطناعي
الأمن السيبراني
بعض مهارات الأمن السيبراني: [4]
طبعا ولا ننسى المهارات الشخصية لكلاهما مثل مهارات التواصل وحل المشكلات والتفكير النقدي
الذكاء الاصطناعي
بعض الفرص الوظيفية المتوفرة في مجال الذكاء الاصطناعي, تشمل:
الأمن السيبراني
أما الفرص الوظيفية المتوفرة في مجال الأمن السيبراني, تشمل:
أصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لتعزيز الأمن السيبراني, حيث يوفر قدرات جديدة تساعد في اكتشاف الهجمات والتهديدات السيبرانية بطريقة أكثر فعالية وسرعة, وفيما يلي بعض الطرق التي يتم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن السيبراني: [5]
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة فائقة, مما يتيح اكتشاف الأنماط غير العادية التي قد تشير إلى هجمات سيبرانية محتملة, من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتقنيات مثل التعلم الآلي للكشف عن السلوكيات المشبوهة في الشبكات, يؤدي هذا الى حماية الأنظمة من التهديدات قبل أن تتسبب في ضرر.
يساعد الذكاء الاصطناعي في أتمتة الاستجابة للحوادث السيبرانية من خلال اتخاذ قرارات تلقائية بناء على البيانات التي يتم جمعها في الوقت الفعلي, يمكن لهذه الأتمتة أن تقلل من الوقت المستغرق للرد على الهجمات وتحسين فعالية التدابير الأمنية.
يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة وتحليل البيانات الضخمة بشكل فعال لتحديد الهجمات المحتملة وتحسين الإجراءات الوقائية, هذا يساعد في تقليل الوقت المستغرق لاكتشاف التهديدات وتحسين استجابة الأمن السيبراني بشكل عام.
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على التعلم المستمر لتحسين أدائها بمرور الوقت, و مع كل تهديد جديد يتم اكتشافه تتعلم هذه الأنظمة كيفية التعرف على تهديدات مماثلة في المستقبل, مما يزيد من فعاليتها في مواجهة التهديدات المتطورة.
رغم الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للأمن السيبراني, إلا أن هناك تحديات كبيرة تأتي معه:
يمكن للمهاجمين استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير هجمات سيبرانية أكثر تعقيدا وفعالية, على سبيل المثال, يمكن استخدام تقنيات التعلم الآلي لإنشاء برمجيات خبيثة قادرة على التحايل على أنظمة الكشف التقليدية, يمكن لهذه البرمجيات الخبيثة أن تتعلم من كل محاولة فاشلة للتسلل, مما يجعل من الصعب اكتشافها والتصدي لها.
استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني يثير قضايا أخلاقية وقانونية معقدة, يجب على المؤسسات ضمان أن استخدام الذكاء الاصطناعي يتم بطريقة تحترم الخصوصية وحقوق الأفراد, علاوة على ذلك, قد يكون من الصعب تحديد المسؤولية عند حدوث خطأ أو فشل في نظام الذكاء الاصطناعي.
أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها ليست محصنة من الهجمات, حيث يمكن للمهاجمين استغلال نقاط الضعف في هذه الأنظمة للتلاعب بالنتائج أو تعطيل النظام بأكمله. لذا, من الضروري أن يتم تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل فعال لضمان عدم تعرضها لهجمات.
الخاتمة
في الختام, يظهر الفرق بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بشكل واضح رغم تشابههما في بعض النواحي, فمن ناحية الأهداف الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تطوير أنظمة تحاكي الذكاء البشري من خلال التعلم من البيانات واتخاذ قرارات ذكية, مما يعزز الأداء البشري في مجالات مثل الرعاية الصحية والقيادة الذاتية. في المقابل, يركز الأمن السيبراني على حماية المعلومات الرقمية من الهجمات والأضرار باستخدام تقنيات مثل التشفير وجدران الحماية.
بينما يسعى الذكاء الاصطناعي لتحسين الأنظمة من خلال الأتمتة الذكية, يهدف الأمن السيبراني إلى ضمان سرية وسلامة البيانات, رغم الاختلافات إلا أن هناك تكامل بين المجالين, حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز الأمن السيبراني من خلال الكشف المتقدم وتحليل البيانات الضخمة, رغم التحديات التي يواجهها من حيث الهجمات المتطورة والتحديات الأخلاقية. فهم هذه الفروق والتكامل بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ضروري لتطوير حلول تقنية فعالة وآمنة في عصر الرقمنة المتزايد.
المصادر