يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج محتوى جديد سواء أكان محتوى نصي أو صوري أو سماعي بالاعتماد على تقنيات مثل شبكات الخصومة التوليدية والمحولات.
إذا كنت تحب الإبداع أو تعمل في مجال التصميم أو حتى تمتلك عملا خاصا وتحتاج الى إدخال الإبداع فيه, حتما هذا المقال سيفيدك, انتشرت مؤخرا العديد من التطبيقات الذكية التي لديها القدرة على إنشاء صور مبتكرة فقط بمجرد وصفها وصفا بسيطا وكلما تعمقت في الوصف تحصل على نتائج مبهرة وفريدة, هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يسمى الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI, إن القدرة على إنشاء محتوى فيديو فريد وجذاب أصبحت اليوم أكثر إمكانية من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. تلك التقنيات التي تعتمد على الشبكات العصبية العميقة تسمح بتوليد محتوى يشبه إلى حد كبير الإبداع البشري, سواء كان ذلك في تغيير ملامح الممثلين في الأفلام باستخدام تقنيات Deepfake، أو تحسين جودة الفيديو، أو حتى إنشاء محتوى افتراضي يتيح للمستخدمين استكشاف عوالم جديدة.
في هذا المقال، ستكتشف تطورات الذكاء الاصطناعي التوليدي وكيف أصبح له تأثير كبير في تحسين وتحويل صناعة إنتاج محتوى الفيديو. سنلقي نظرة على بعض التطبيقات البارزة والمثيرة التي تعتمد على هذه التقنيات، مما يجسد كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح أفقا جديدا للإبداع والابتكار في عالم الفيديو الرقمي.
الذكاء الاصطناعي التوليدي هو فرع من مجال الذكاء الاصطناعي يركز على قدرة الأنظمة الحاسوبية على إنتاج محتوى جديد وفعال بشكل ذكي, حيث يعتمد هذا النوع من الذكاء الاصطناعي على استخدام الشبكات العصبية العميقة وتقنيات التعلم الآلي لفهم الأنماط والسياقات في البيانات واستخدام هذا الفهم لإنتاج مخرجات جديدة. [1]
تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي على تدريب النماذج على كميات كبيرة من البيانات المتنوعة، ثم لاستخدام المعرفة التي حصل عليها من هذه البيانات في تمثيل مجموعة واسعة من الأساليب والأسلوب الإبداعي. يمكن للنماذج توليد محتوى متنوع مثل النصوص الإبداعية، والصور، والفيديوهات، والموسيقى، وحتى النماذج ثلاثية الأبعاد.
يعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي مفيدا في العديد من المجالات، مثل صناعة الألعاب، والتصميم، والفنون، حيث يمكنه إضافة جوانب إبداعية وتحسين تجارب المستخدمين. تقدم تطورات في هذا المجال إمكانيات جديدة للابتكار والتفاعل مع التكنولوجيا بطرق مبتكرة.
ربما تعتقد أن الذكاء الاصطناعي مفهوم حديث, لكنه في الحقيقة قديم جدا ويعود اكتشافه لأول مرة الى القرن العشرين, كانت ولادة الذكاء الاصطناعي في العام 1956 في ورشة عمل تحت اسم" مشروع دارتموث للأبحاث الصيفية حول الذكاء الاصطناعي" حيث اجتمع العديد من الباحثين في مجالات مختلفة مثل علوم الحاسوب ناقشوا فيها إمكانية قدرة الحواسيب على محاكاة الاستدلال والذكاء والعمليات الإبداعية. [2]
في أواخر الخمسينات تم تقديم نموذج أساسي للشبكة العصبية بواسطة فرانك روزنبلات أطلق عليه اسم Perceptron وهو نموذج بسيط للتعلم الآلي, صمم لمساعدة الحواسيب على التعلم من البيانات.
كانت ELIZA من أوائل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ظهرت في أواخر الستينيات, وهي عبارة عن روبوت دردشة قامت بتقليد عمل أخصائي نفسي حيث كانت قادرة على التفاعل مع البشر باللغة الطبيعية ومعالجتها وتوليد إجابات برمجية.
أما عن الذكاء الاصطناعي التوليدي, تطورت قدرة معالجة الحواسيب بشكل هائل في الفترة بين التسعينات وبداية الألفية, وكان من بين أوجه هذا التطور: فوز النظم الحاسوبية في لعبة الشطرنج وظهور أنظمة التعرف على الصوت. خلال هذه الفترة كان الإنترنت قد انتشر بشكل كبير مما أدى الى توفر كميات كبيرة من البيانات أدى الى تحسن تقنيات التعلم الآلي والشبكات العصبية و التعلم العميق.
كان التطور الأكبر للتعلم العميق في عام 2010 حيث استخدمت فيه الشبكات العصبية متعدد الطبقات , ويرجع الفضل الى زيادة قوة معالجة الرسومات, ليظهر بعدها الذكاء الاصطناعي التوليدي بفضل تطور تقنيات التعلم العميق.
في عام 2014 ولأول مرة ظهرت الشبكات الخصومة التوليدية GAN والتي تقوم على مبدأ المنافسة بين شبكتين عصبيتين إحداهما تقوم بتوليد المحتوى والأخرى تقوم بالتمييز بين المحتوى المتولد والبيانات الاصلية.
توالت بعدها ظهور تقنيات جديدة مثل الشبكة العصبية ذات الذاكرة طويلة قصيرة الأمد, وصولا الى عام 2017 الذي ظهر فيه نموذج المحولات Transformers الذي لعب دورا هاما في تقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي.
تلعب هذه التقنيات دورا كبيرا في تحسين إمكانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI. تقدم GANs إمكانية إنشاء محتوى واقعي يمكن استخدامه في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بينما يسهم نموذج Transformer في تقديم أداء فعال في معالجة اللغة والتسلسلات. هذا التطور يفتح أبوابا جديدة لإبداع المحتوى وتحسين الفعالية في توليد البيانات.
الذكاء الاصطناعي التوليدي عبارة عن عدة خوارزميات وتقنيات تعمل مع بعضها لتنتج أفضل محتوى إبداعي, وهذه التقنيات تشمل: شبكات الخصومة التوليدية GAN, المحولات Transformers و التشفير التلقائي المتغير Variational Autoencoder, فيما يلي توضيح لكل منها: [3]
يتم تحسين أداء الشبكتين عن طريق التعلم من خطأها، حتى تصبح الشبكة المولدة قادرة على إنتاج بيانات تخدع الشبكة التمييزية. يمكن للشبكات العصبية التوليدية أن تنتج بيانات مختلفة الأنواع والأشكال، مثل الصور والنصوص والأصوات والفيديوهات وغيرها.
لعلك تنتظر أن تعرف كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج أشياء إبداعية مثل الصور وغيرها, في هذا القسم سنتعرف على أبرز تطبيقاته: [4]
يمكن باستخدامه تصنيع نماذج ثلاثية الأبعاد لأشياء مختلفة في صناعات مختلفة مثل الترفيه, تصميم المنتجات وحتى مجال الهندسة المعمارية, والتقنية المسؤولة عن هذا هي شبكات الخصومة التوليدية, باستخدام أدوات مثل MidJourney Stable Diffusion يمكن إنشاء صور مبدعة فقط بمجرد وصفها وصفا دقيقا.
ليس ذلك فحسب, يحافظ الذكاء الاصطناعي على جودة الطباعة ثلاثية الأبعاد من خلال توفير كمية كبيرة من البيانات لتدريب النظم عليها, بالإضافة الى استخدام هذه البيانات لإنشاء نماذج كبيرة وتدريبها باستخدام نتائج الطباعة للكشف عن أنماط تسبب مشكلات أو تؤدي إلى نتائج ممتازة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف وتصحيح الأخطاء أثناء الطباعة بشكل فوري, حيث تتعلم النماذج من العيوب وتمنع حدوث طباعة فاشلة، مما يسهم في تقديم طباعة أفضل وتقليل الأخطاء.
لا يقتصر إبداع الذكاء الاصطناعي على الصور فحسب, بل يلعب دورا هاما في إنتاج كلام صوتي بتحويل النص المكتوب الى نص مقروء ولا نتحدث هنا عن صوت Google Translate مثلا الذي يبدو فعلا أنه آلي يتحدث, بل نتحدث عن إنتاج أصوات لتبدو وكأنها لشخص موجود فعلا على أرض الواقع. كما يمكن أيضا استنساخ الأصوات, أي إنتاج صوت صناعي يطابق صوت شخص ما, قرأت قصة على الإنترنت لفتاة تغني في فرقة وذات يوم أصابها التهاب في الحنجرة وأضعف ذلك صوتها لذلك اضطرت لاستنساخ صوتها بالذكاء الاصطناعي لتستفيد منه في الغناء, قد يكون استنساخ الصوت مفيدا حقا ولكن يجب استخدامه في الحالات الضرورية وبعلم الشخص وتجنب إساءة استخدامه في الأغراض الغير قانونية.
لا يلزم أن تكون فنانا لترسم لوحات فنية مبهرة, بل يكفي أن تكون ملما بأمور الذكاء الاصطناعي وعلى اطلاع بآخر التقنيات, باستخدام برامج مثل DALL-E 2 و Nightcafe, تستطيع الحصول على قطع فنية جميلة وأصلية دون تدخل بشري, تحتاج فقط الى خيال واسع لتخرج بلوحات فنية أصلية.
يمكنك كذلك إنتاج فيديوهات قصيرة أو حتى أفلام طويلة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي, حيث يعتمد على عدة خوارزميات من أجل تكوين الصور,إنشاء النصوص, إنشاء الصور المتحركة وحتى الموسيقى, يتيح ذلك دعم مدخلات متنوعة، مثل الصور والمقالات والموسيقى والمدونات لخلق قصص جديدة بإبداع. إذا أردت خوض تجربة إنتاج فيديوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكنك الاستفادة من هذه البرامج: Descript وXpression وSynthesia.
يمكن ببساطة استخدامه لأغراض الترفيه والاستمتاع, إذا كنت من محبي ألعاب الفيديو فسترغب في معرفة هذا, إمكانيات الذكاء الاصطناعي الإبداعي في إنشاء فن وألعاب تفيد مطوري الألعاب بإنشاء محتوى متنوع, حيث يركز الذكاء الاصطناعي على إنشاء مستويات وشخصيات للألعاب، مما يساعد في تقديم تجارب لعب مثيرة, كما يستخدم أيضا لخلق شخصيات غير قابلة للعب وأصول اللعبة، يمكن استخدام برامج مثل Charisma AI و Unity Machine Learning Agents لهذا الغرض
لا ننفك من مدح الذكاء الاصطناعي التوليدي واستعراض أهميته وقدراته, ولكن هناك بعض التحديات والمخاطر التي تتعلق به, من ضمنها: [5]
يعاني الذكاء الاصطناعي من نقص في الشفافية, لأنه يعتمد بشكل أساسي على التعلم العميق والذي يشار إليه "بالصندوق الأسود", أي أن الآلية التي يتخذ فيها القرارات مبهمة وصعبة التفسير, ويشكل ذلك عائقا أمام بناء الثقة وقبول هذه النماذج، سواء داخل الشركة أو بين العملاء.
يتعلم النموذج من البيانات المدخلة إليه لذلك اذا كانت هذه البيانات فيها نوع من التحيز أو التمييز أو حتى انعكاسات لاتجاهات معينة, فإن النموذج سوف يتأثر بها وستكون نتائجه متحيزة أيضا وغير عادلة, مما يعني أن النظام قد يعامل فئات معينة من الأفراد بشكل غير عادل أو يميز بينهم بطريقة غير موضوعية. هذا التحيز قد يلحق ضررا بسمعة العلامة التجارية، حيث يمكن أن يتسبب في عدم رضا الجمهور أو استياءه من استخدام التكنولوجيا بشكل غير عادل أو غير متوازن.
بسبب تكون النماذج الذكية التوليدية من عدد هائل من المعاملات, هذا يجعلها بحاجة الى كمية بيانات تدريب كبيرة, بالإضافة الى ضرورة توفير الموارد والتحسينات الضرورية لتدريب وصيانة هذه النماذج مثل وجود استثمارات مالية ضخمة لاستمرار تطوره كوجود خبراء تقنيين وبنية حاسوبية كبيرة, وتحديث أنابيب البيانات لتكون أكثر سرعة وفاعلية.
يمكن استغلاله لأغراض خبيثة وغير أخلاقية بسبب قدرته على توليد أفكار جديدة وميزة إصدار واستنساخ الأصوات, مثل استغلاله لإنتاج محتوى أخباري كاذب أو فيديوهات مزيفة باستخدام تقنية Deep Fake, كما تدرب العديد من النماذج الأساسية على بيانات محمية بحقوق التأليف الملكية لإنسان، مما يؤدي إلى جدل حول التعويض العادل والإشارة إلى المصدر بين مزودي النماذج وحملة حقوق التأليف.
الخاتمة
في ختام هذا المقال، يظهر أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد شهد تطورا هائلا على مر الزمن، حيث استفادت التقنيات من تقدم المعالجات وتوفر كميات هائلة من البيانات, شهدنا ظهور تقنيات رئيسية مثل شبكات الخصومة التوليدية GAN و المحولات Transformers والتشفير الآلي المتغير Variational Autoencoder، وكلها أسهمت في إمكانية توليد محتوى إبداعي متنوع ومتقدم.
التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي التوليدي تتنوع بين إنتاج نماذج ثلاثية الأبعاد للصناعات المختلفة وإنشاء أصوات تبدو وكأنها لأشخاص حقيقيين. ورغم هذه التقدمات، يجب أن نتذكر دائما أخلاقيات استخدام هذه التقنيات وضرورة الالتزام بالقوانين وحقوق الملكية الفكرية.
في نهاية المطاف، يفتح الذكاء الاصطناعي التوليدي أفقا جديدا للإبداع والتحسين في عدة مجالات، مما يجعلها تكنولوجيا محورية للابتكار والتقدم في المستقبل. ومع تحديات وجودية محتملة، فإن فهمنا واستخدامنا الحكيم لهذه التقنيات سيشكل عاملا محوريا في توجيهها نحو تأثير إيجابي ومستدام على المجتمع والعالم بأسره.
المصادر