تعرف على الفرق بين التعلم الآلي والتعلم العميق, حيث يتم توضيح مفهوم كل منهما بالإضافة الى الاختلاف في نوع البيانات والنموذج, و نوع المهام المناسب لكل واحد.
هل تعتقد أن التعلم الآلي والتعلم العميق هما اسمان لعلم واحد؟ كثيرا ما نسمع بهذين المصطلحين وغالبا ما يتم ذكرهما سويا, ولكن هل هما وجهان لعملة واحدة ؟ أو بمعنى آخر هل تعرف الفرق بين التعلم الآلي والتعلم العميق؟
يعد عالم الذكاء الاصطناعي ميدانا مثيرا يشهد تقدمات مستمرة، وبين جملة من المفاهيم المعقدة التي تعبر عن هذا التقدم، نجد التعلم الآلي والتعلم العميق يبرزان كمفاهيم أساسية ومثيرة للاهتمام. يتناول هذا السياق الفرق البارز بينهما، حيث يعتبر التعلم الآلي مفهوما عاما يشمل مجموعة متنوعة من التقنيات، بينما يمثل التعلم العميق نهجا متطورا يعتمد بشكل كبير على الشبكات العصبية العميقة, صحيح أن كلاهما يعتمد على تحليل وفهم البيانات التي يتم استخدامها في تدريب النماذج إلا أن لكل واحد خوارزمياته الخاصة مهامه الخاصة وغيرها من الاختلافات.
هل تريد معرفة هذه الاختلافات, اذا اقرأ المقال الآتي لمعرفة أهم الفروقات بينهما.
لمعرفة الفروق الرئيسية بينهما, علينا أولا توضيح مفهوم كل منهما من الناحية العلمية
ما مفهوم التعلم الآلي؟
التعلم الآلي هو فرع من الذكاء الاصطناعي و يشير اسمه بشكل حرفي الى تعلم الآلة, أي تعلم الحواسيب, إذا فهو العلم الذي يمكن الحواسيب والأنظمة الذكية من التعلم من مجموعات البيانات باستخدام خوارزميات معينة, تهدف في النهاية الى أداء مهمة محددة, والمميز هنا هو أن نماذج التعلم الآلي لا يتم برمجتها بشكل صريح على أداء المهمة بل تقوم بتحليل البيانات واستخراج الأنماط والتوقعات منها, وتصمم هذه الخوارزميات بطريقة تجعلها تحسن من أدائها باستمرار كلما تعرضت لبيانات تدريب بشكل أكبر لتصبح أكثر دقة وفعالية. [1]
ولكن بالأساس كيف يتعلم من البيانات؟ يتم تدريب نموذج التعلم الآلي عن طريق تغذيته بكميات كبيرة من البيانات, وتختلف أنواع البيانات تبعا لنوع المهمة لتضع أمامنا ثلاث خيارات للتعلم, إما: التعلم الخاضع للإشراف أو التعلم غير الخاضع للإشراف أو التعلم المعزز الفرق بينها بشكل أساسي هو نوع بيانات التدريب, حيث تكون موسومة ومصنفة في التعلم الخاضع للإشراف وعلى النموذج أن يتوقع تصنيف البيانات تبعا للبيانات التي تعلم منها, أو غير موسومة في التعلم غير الخاضع للإشراف حيث يحلل البيانات ليكتشف الأنماط فيها, أما في التعلم المعزز فهو يتفاعل مع البيئة ويدرس ردات فعلها ليحسن من مهارة اتخاذ القرارات.
ما مفهوم التعلم العميق؟
يعتبر التعلم العميق جزء من التعلم الآلي, ولكن كيف ذلك؟ لأنه عبارة عن تطور عميق ومتقدم لخوارزميات التعلم الآلي ويعتمد على هياكل أعمق وأكثر تعقيدا لفهم البيانات والاستفادة منها, هذا التطوير من شأنه أن يزيد من فعالية النماذج وقدرتها على التعامل مع مجموعة متنوعة من المهام.
التعلم العميق يتيح للأنظمة الذكية من معالجة البيانات بطريقة أقرب ما تكون للعقل البشري, من خلال ما يعرف بالشبكات العصبية Neural Network التي تشبه الجهاز العصبي للإنسان وتعمل بطريقة تحاكي طريقة عملها في الإنسان. [2]
يعتمد التعلم العميق بشكل أساسي على الشبكات العصبية التي تتكون من ثلاثة أنواع من الطبقات: طبقة الإدخال Input Layer وطبقة الإخراج Output Layer والطبقة المخفية Hidden Layer,
تكون الطبقات في الشبكة العصبية عميقة جدا أي عددها كبير, تتيح للنظام تمثيل ونمذجة العلاقات المعقدة وغير الخطية بين البيانات المدخلة والنواتج المتوقعة. هذا يتيح للتعلم العميق فهم البيانات بشكل أفضل والكشف عن أنماط أعمق وأكثر تعقيدا، مما يسهم في تحسين الأداء في مهام التنبؤ والتصنيف والتحليل. [3]
النموذج
يعتمد التعلم الآلي على خوارزميات بسيطة مثل الانحدار الخطي Linear Regression و أشجار القرار Decision Trees لتحليل البيانات ومعالجتها وتحويلها إلى نماذج أو معادلات رياضية تمثل سلوك معين أو خصائص محددة, بعد ذلك، يتم استخدام هذه النماذج لتوقع أو تنبؤ الأفعال المستقبلية استنادا إلى البيانات المتاحة. [4]
بينما التعلم العميق يستخدم نموذج يعتمد على الشبكة العصبية، حيث تمرر البيانات خلال طبقات متعددة من المعالجة داخل هذه الشبكة، وذلك بهدف فهم وتفسير ميزات البيانات والعلاقات بينها. في كل طبقة، يتم استخدام تقنيات التعلم العميق لاستخراج مميزات هامة من البيانات وتحليل العلاقات بينها, يمكن لهذا النهج أن يكون فعالا في استخراج المعلومات الأساسية وفهم السياق الذي يحتويها البيان، مما يمكن من اتخاذ قرارات أو توقعات بناء على تلك المعالجة والتحليل.
نوع البيانات
تحتاج خوارزميات التعلم الآلي الى كمية أقل من التعلم العميق, ولكن يعتبر عامل جودة البيانات أهم من كميتها, لذلك يجب الحرص على أن تكون البيانات المستخدمة جيدة ومتنوعة وتعكس تمثيلا جيدا للظروف المتوقعة لضمان فعالية النموذج.
ولكن ما نوع البيانات المستخدمة في التعلم الآلي؟ ذكرنا في فقرة سابقة أن البيانات قد تكون موسومة بحيث أن البيانات تحمل تصنيفا معينا فيتعلم النموذج هذه التصنيفات, أو قد تكون غير موسومة لا تحمل تصنيفات إنما يحاول النموذج معرفة النمط في مجموعة البيانات, أما نوع البيانات في التعلم الآلي, فهي إما أن تكون بيانات رقمية أو بيانات فئوية أي تصنيفية.
البيانات الرقمية هي التي تتكون من قيم يمكن قياسها وترتيبها، مثل الأعمار أو الدخل, بينما البيانات التصنيفية تتألف من قيم تمثل فئات محددة، مثل الأنواع المختلفة للفواكه أو الجنس.
على الصعيد الآخر, تتطلب خوارزميات التعلم العميق كمية كبيرة من البيانات لتدريب الشبكة العصبية, ولكنها قادرة على تطوير وتحسين أدائها ودقة نتائجها بشكل ذاتي مع تزايد كمية البيانات التي تتم معالجتها. أفضل نوع بيانات يمكن أن تتعامل معها خوارزميات التعلم العميق هي البيانات غير المنظمة التي لا تأتي في هيكل تنظيمي تقليدي مثل البيانات الموجودة في قواعد البيانات التقليدية التي تكون منظمة بصفوف وأعمدة, , مثل الصور والفيديو والصوت والنصوص, تكون الصورة مجرد تجمع من بكسلات، والرسالة مجرد تجمع من نص, لذلك يكون من الصعب تحديد هذه البيانات بشكل يدوي.
تختلف نوعية المهام التي يقوم بها كل منهما بسبب اختلاف نوع البيانات التي يستطيع كل منهما التعامل معها ومعالجتها وأيضا بسبب نوع الخوارزميات في كل نوع, فيما يلي توضيح للفرق في نوع المهام: [5]
التعلم الآلي
تتميز خوارزميات التعلم الآلي بتحليل البيانات لفهم العلاقات والأنماط فيها, من خلال تزويدها بمجموعة من بيانات التدريب والسماح لها بضبط نفسها بحيث يمكنها التعرف على الأنماط والعلاقات داخل تلك البيانات, وبالتالي تكون الخوارزميات قادرة على التعلم من البيانات واتخاذ قرارات أو توقعات حول البيانات الجديدة التي لم يتم تدريبهم عليها, لذلك فإنها تكون مناسبة لمهام مثل:
التعلم العميق
أما فيما يتعلق بالتعلم العميق, كنا قد ذكرنا أنه يحتاج الى كميات كبيرة من بيانات التدريب بسبب استخدامه للشبكات العصبية العميقة التي تحتوي على العديد من الطبقات لمعالجة البيانات, لذا فهو الأنسب للمهام المعقدة مثل:
لا يمكننا التصريح بشكل مباشر بأن التعلم العميق أفضل من التعلم الآلي لأن كل واحد منهما يعد الأفضل في مهام معينة, كما أن الأمر يعتمد على عوامل, منها كمية البيانات, إذ يتطلب التعلم العميق كميات هائلة من البيانات لتدريب النماذج بشكل فعال، ويكون خيارا جيدا للشركات في قطاعات مثل الخدمات المالية والبنوك، والتجارة الإلكترونية، والاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي، وصناعة النفط والغاز، ودعم العملاء, ولكن في حال عدم توفر مجموعات بيانات ضخمة، قد تؤدي نماذج التعلم العميق إلى نتائج غير دقيقة. [9]
من ناحية أخرى، على الرغم من أن نماذج التعلم العميق لا تحتاج إلى قدر كبير من قوة الحاسوب لإنتاج النتائج، إلا أنها تحتاج إلى كميات كبيرة منه أثناء التدريب, للتغلب على هذه التحديات بشكل كفء من حيث التكلفة، يمكن للشركات استخدام وحدات TPU The Tensor Processing Unit في السحابة، التي قدمتها Google خصيصا لأعباء العمل في مجال التعلم العميق، مما يسمح بتحقيق أداء متقدم بتكلفة أقل.
الخاتمة
في الختام، يتضح أن التعلم الآلي والتعلم العميق يختلفان بشكل كبير في النماذج ونوع البيانات التي يستخدمونها, حيث يعتمد التعلم الآلي على خوارزميات بسيطة مثل الانحدار الخطي وأشجار القرار، في حين يعتمد التعلم العميق على الشبكات العصبية لمعالجة البيانات. كما أنهما يختلفان في كمية البيانات المطلوبة، حيث يحتاج التعلم العميق إلى كميات كبيرة من البيانات لتدريب الشبكة العصبية.
نوع البيانات أيضا يلعب دورا مهما، حيث يمكن للتعلم الآلي التعامل مع بيانات رقمية أو تصنيفية، بينما يفضل التعلم العميق بيانات غير منظمة مثل الصور والفيديو والصوت. في النهاية، يبرز دور كل منهما في المهام المختلفة، حيث يناسب التعلم الآلي للتنبؤ والتصنيف والتجميع، بينما يبرز التعلم العميق في مهام تعرف الصور ومعالجة اللغة الطبيعية وتحقيق الأنظمة الذاتية.
المصادر