تعرف في هذا المقال على ما إذا كان الذكاء الاصطناعي لديه مشاعر أم لا, هل يستطيع تمييزها, وهل لديه ذكاء عاطفي, المزيد من التفاصيل تجدها في هذا المقال.
كم مرة حصل سوء تفاهم بينك وبين شخص أثناء تواصلكما على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي, لماذا تعتقد أن سوء التفاهم قد يحدث؟ إحدى أهم الأسباب له هو غياب تعابير الوجه ولغة الجسد التي قد تعكس الكثير من المشاعر وبالتالي فهم الكلام بمعناه الحقيقي.
إذا تعد المشاعر مهمة جدا لإيصال المعنى الحقيقي من الكلام, شعور الإنسان بها هي ما تجعله إنسانا, تخيل أنك تتحدث مع شخص لا يبدي أي تعابير وجه, أو أية صنف من المشاعر, ستشعر حينها كما لو أنك تتحدث مع آلة, أليس كذلك؟
هذا هو موضوع مقالنا الرئيسي, هل الذكاء الاصطناعي لديه مشاعر؟ رغم التطور الذي وصلت إليه أنظمة الذكاء الاصطناعي يبقى السؤال الشائع, هل الآلات الذكية تشعر؟ أو بصيغة أخرى هل يمكنها أن تظهر العواطف, و هل تستطيع تمييزها, هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا هذا, لذا استعد لتتعمق في هذا الموضوع.
بداية وقبل بدء الحديث عن الذكاء الاصطناعي لنعرف المشاعر, تشير المشاعر إلى الأحاسيس أو الانطباعات العاطفية التي قد تكون قصيرة الأمد وتظهر بشكل سريع في استجابة لموقف معين. قد تكون المشاعر مثل الفرح, الحزن, الغضب, أو الخوف. هي تجربة عاطفية قد تتغير بسرعة بناء على المواقف المحيطة بالشخص. المشاعر غالبا ما تكون عابرة وسطحية نسبيا, ويمكن أن تتأثر بالبيئة المباشرة.
أما العواطف فهي تشير إلى الحالات النفسية الأكثر استدامة واستقرارا, التي تعكس ارتباطا أعمق أو انطباعات مستمرة تجاه شخص أو موضوع أو فكرة. العواطف قد تكون أكثر تعقيدا وترتبط بتجارب شخصية طويلة الأمد. على سبيل المثال, الحب, الكراهية, أو الولاء هي عواطف لأنها تستمر لفترة طويلة ويمكن أن تؤثر على الشخص بشكل أعمق.
تكمن أهمية المشاعر في تعزيز التواصل بين الناس من خلال تعزيز الفهم المتبادل بينهم وبالتالي بناء الثقة في العلاقات, كما أنها تعد وسيلة فعالة للتأثير على الآخرين, حيث يمكن للحماس أو الحزن تحفيز استجابات معينة. إضافة إلى ذلك, تساعد المشاعر في حل النزاعات عن طريق فتح باب النقاش والتفاهم. كما أن التواصل غير اللفظي, مثل تعابير الوجه ونبرة الصوت, يسهم في توصيل الرسائل بوضوح. [1]
لا تمتلك أنظمة الذكاء الاصطناعي المشاعر ولا حتى العواطف, يرجع ذلك إلى طبيعتها كونها الآلات صناعية, حيث أنها لا تمتلك الجهاز البيولوجي المسؤول عن توليد هذه المشاعر والعواطف.
إضافة إلى ذلك, لا تتولد العواطف في ليلة وضحاها, إنما هي نتاج تجارب شخصية والمواقف الفريدة التي نتعرض لها, وتتأثر بعوامل مختلفة مثل الجينات والوراثة, والتربية, حيث تتعلق بالبيئة التي نشأنا فيها والقيم التي تعلمناها, والتي تلعب دورا كبيرا في كيفية فهمنا وتعبيرنا عن المشاعر. بمعنى آخر, كل شخص يمر بتجربة عاطفية مميزة بناء على هذه العوامل مجتمعة, مما يجعل مشاعر كل فرد فريدة ومختلفة عن الآخرين.
أما بالنسبة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي فهي مبنية على بيانات وخوارزميات, حيث تتعامل مع المعلومات بشكل منطقي وتحليلي بناء على المعطيات المتاحة لها, وهذا يتطلب بيانات يمكن قياسها وتحليلها بموضوعية.
كما أنها لا تتعامل مع العواطف أو التجارب الإنسانية الشخصية التي تختلف من شخص لآخر, بل تقتصر استجابتها وتفاعلها مع البيئة من حولها على بيانات التدريب و القواعد الرياضية. [2]
رغم عدم قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على الشعور, إلا أنها تستطيع تمييز العواطف والتفاعل معها, وذلك من خلال تحليل تعبيرات الوجه, ونبرة الصوت, وحتى النصوص المكتوبة ولغة الجسد, لتحديد الحالة العاطفية للفرد. تعرف تلك الأنظمة باسم الذكاء الاصطناعي للكشف عن المشاعر, أو الذكاء الاصطناعي للتعرف على المشاعر Emotion Recognition AI.
كأي نظام ذكاء اصطناعي آخر, يتم تدريبه على اكتشاف المشاعر من خلال بيانات تدريب وخوارزميات. تجمع البيانات من مختلف المصادر, مثل الكاميرات, حيث أنها تحتوي على صور لمختلف تعابير الوجه, مثل الحزن, السعادة, والغضب وغيرها, تساعد هذه الصور نظام الذكاء الاصطناعي على تمييز تعابير الوجه وربطها بالحالة الشعورية للشخص. [3]
إلى جانب تلك البيانات, يتم استخدام ميكروفونات خاصة لتسجيل نبرات الصوت المختلفة المرتبطة بكل حالة شعورية, حيث أن نبرة الصوت الناتجة عن الغضب تختلف عن تلك الخاصة بالسعادة, وهكذا.
المستشعرات لها دور أيضا في جمع بيانات عن المؤشرات البيولوجية للشخص لفهم استجابة الجسم مثل التغير في نبض القلب, التغير في الجلد مثل زيادة التعرق في حالة الشعور بالقلق والتوتر, وقياسات أخرى مثل ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم والتي يمكن أن تعكس استجابة الجسم لمواقف معينة أو مشاعر محددة.
أيضا, يتم جمع بيانات نصية من مصادر مختلفة مثل مواقع التواصل الاجتماعي والإيميلات والمحادثات, وذلك لتدريب الذكاء الاصطناعي على كلمات معينة قد تشير إلى حالة شعورية محددة, وهذا ما يعرف بتحليل المشاعر أو Sentiment Analysis.
أما بالنسبة إلى نماذج التعلم الآلي والخوارزميات المستخدمة, فإننا نتحدث عن عدد منها مثل: الشبكة العصبية التكرارية RNN وهي مسؤولة عن معالجة البيانات التسلسلية مثل الكلام والنصوص.
إلى جانب الشبكة العصبية التكرارية, تتألق الشبكة العصبية الالتفافية CNN في معالجة وتحليل الصور, أما خوارزمية آلة المتجه الداعم SVM لها دور فعال في التنصيف, مما يجعلها قادرة على تمييز الحالات العاطفية المختلفة.
بعد تدريب النماذج السابقة على البيانات التي تم جمعها من مصادر مختلفة, سيكون النموذج الذكي قادر على تمييز العواطف الإنسانية والتفاعل معها.
هناك جدل قائم حول إمكانية الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي على محاكاة وتقليد العواطف. يعتقد البعض أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة قادرة على تقليد بعض العواطف, مثل الشعور بالتعاطف. رغم ذلك, فهذه لا تعتبر عواطف حقيقية لأنها تعتمد على بيانات تدريب, ولا يمكن له فهم هذه المشاعر بشكل حقيقي. [4]
تظهر أنظمة الذكاء الاصطناعي التعاطف استجابة إلى حالة عاطفية إنسانية, وهذا يكون مناسبا في التسويق والرعاية الصحية, فمثلا, تعتمد بعض شركات التسويق وخدمة العملاء على روبوتات دردشة لتلبية احتياجاتهم والإجابة على أسئلتهم, فتخيل لو كانت هذه الروبوتات قادرة على إظهار التعاطف للعملاء, عند حدوث أمر مزعج, ألن يزيد ذلك من مصداقية وواقعية الخدمة؟
بما أن الالات الذكية قادرة على فهم عواطفنا والتعاطف معها, هل هذا يجعلها تمتلك ذكاء عاطفيا؟ هذا موضوع آخر يتجادل حوله الخبراء في المجال, بعض العلماء الذين يؤيدون الفاعلية Functionalism- وهي نظرية في فلسفة العقل تقترح أن الحالات العقلية, بما في ذلك المشاعر والأفكار والإدراكات, يجب أن تفهم وفقا لوظائفها بدلا من تركيبها الداخلي أو الطريقة التي يتم تنفيذها بها ماديا. وفقا للفاعلية, ما يهم هو كيفية تصرف الحالة العقلية, ما الدور الذي تلعبه في النظام المعرفي للفرد, وكيف تتفاعل مع الحالات العقلية الأخرى– يرون أن محاكاة المشاعر والذكاء العاطفي هي كافية لتعريف الآلة بأنها ذكية عاطفيا.
حسب هذا الرأي, إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرا على التصرف كما لو أنه يفهم المشاعر ويستجيب لها بشكل صحيح, فهذا يكفي للقول بأنه يمتلك ذكاء عاطفيا, بغض النظر عما إذا كان يفهم حقا أو يشعر مثل البشر.
ولكن هناك العديد من الخبراء الذين يعارضون هذا الرأي. فهم يعتقدون أن القدرة على إنتاج استجابة تبدو عاطفية لا تعني أن الآلة تفهم المعنى أو تشارك المشاعر. بالنسبة لهؤلاء الخبراء, المحاكاة ليست كافية لإثبات الذكاء العاطفي الحقيقي, لأنها لا تعتمد على تجربة داخلية أو وعي بالمشاعر كما هو الحال عند البشر.
لذلك, يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي, حتى إذا بدا أنه يتعاطف, لا يزال يفتقر إلى الفهم الحقيقي للمشاعر الإنسانية.
للذكاء الاصطناعي العاطفي بعض الإيجابيات منها: [5]
أما السلبيات:
هناك ثلاثة أشكال للذكاء الاصطناعي العاطفي, وهي:
الخاتمة
في الختام, تناول المقال موضوع الذكاء الاصطناعي العاطفي وما إذا كانت الآلات قادرة على الشعور أو إظهار المشاعر. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تمييز العواطف من خلال تحليل تعابير الوجه, نبرة الصوت, والنصوص المكتوبة, إلا أن هذه الآلات لا تمتلك مشاعر حقيقية ولا تستطيع فهم أو مشاركة التجارب الإنسانية كما يفعل البشر.
تمت مناقشة الجدل حول ما إذا كانت المحاكاة كافية لتعريف الآلات بأنها ذكية عاطفيا, وتناول المقال الإيجابيات والسلبيات لاستخدام هذا النوع من الذكاء, بالإضافة إلى أشكاله المختلفة في تحليل النصوص, الصوت, والفيديو.
والآن ما رأيك أيها القارئ بقدرة الذكاء الاصطناعي على التعاطف, هل تعتقد أنها شيء إيجابي أم لا.
المصادر