التنقيب في البيانات هو عملية استخراج أنماط ومعلومات مفيدة من كميات كبيرة من البيانات, يتم ذلك ب 6 خطوات أساسية باستخدام الشبكات العصبية وأشجار القرار وغيرها.
هل للبيانات أية أهمية إذا بقيت بيانات؟ ما قيمة البيانات إذا بقيت بيانات خام؟ لعل من أعظم الموارد التي يمكن لأي شركة أو فرد امتلاكها هي البيانات, و لكن البيانات الخام وحدها لا تحقق قيمة ملموسة إلا من خلال القدرة على تحويلها إلى معلومات مفيدة.
هنا يأتي دور التنقيب في البيانات Data Mining، وهو يعزى باكتشاف الأنماط، والعلاقات، والتوجهات الخفية في البيانات, من أجل الحصول على المعلومات القيمة التي يمكن أن تقود إلى قرارات استراتيجية مدروسة.
لكن ماذا عن تحليل البيانات؟ أليس له دور في تحقيق الأهداف نفسها؟ في حين أن التنقيب في البيانات وتحليل البيانات يتعاملان مع المعلومات، فإنهما يختلفان في الهدف والأسلوب. تحليل البيانات يركز على تفسير وتحليل البيانات الحالية للإجابة على أسئلة محددة أو اتخاذ قرارات مباشرة، بينما التنقيب في البيانات يسعى لاكتشاف معلومات جديدة قد تكون غير واضحة أو غير متوقعة.
نظرا لاختلاط مفهوم تحليل البيانات مع التنقيب في البيانات, سنسلط الضوء في هذا المقال على مفهوم التنقيب في البيانات وأهميته والتقنيات المستخدمة فيه، وكيف يمكن أن يسهم في تحقيق نتائج ملموسة في مختلف المجالات.
التنقيب في البيانات هو عملية البحث في مجموعات البيانات الكبيرة عن الأنماط والعلاقات التي يمكن أن تساعد في حل المشكلات من خلال تحويل النتائج الى رؤى تساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة. [1]
تكون العلاقة بين تحليل البيانات والتنقيب في البيانات في أن التنقيب في البيانات هو جزء من تحليل البيانات, ولكن باستخدام تقنيات تحليل بيانات متقدمة للبحث في مجموعات كبيرة من البيانات للعثور على أنماط وعلاقات مفيدة.
يعد التنقيب في البيانات كذلك خطوة أساسية في عملية اكتشاف المعرفة في قواعد البيانات KDD, وهي عملية منهجية تهدف إلى استخراج معلومات قيمة من مجموعات كبيرة من البيانات, تتضمن العملية عدة مراحل رئيسية وهي تحضير البيانات و تنظيف البيانات و تحويل البيانات و التنقيب في البيانات وتفسير وتحليل النتائج و استخدام المعرفة. [2]
اكتسب التنقيب في البيانات أهمية كبيرة اليوم و خصوصا مع تزايد حجم البيانات -والتي أطلق عليها البيانات الضخمة- التي يتم جمعها وتخزينها في الأنظمة الحديثة, أصبح من الضروري استخدام تقنيات التنقيب في البيانات لاستخراج المعلومات القيمة من هذه الكميات الكبيرة من البيانات.
التنقيب في البيانات اليوم صار له أهمية كبرى, حتى أصبح جزءا مهما من عمل أي شركة أو مؤسسة, حيث صارت الشركات تتبنى الأدوات المختلفة لاستخدامها في التنقيب في البيانات, وذلك بهدف تحقيق أهداف متعددة, يمكن استخدامها لوصف مجموعة بيانات معينة, أي توضيح خصائصها وسماتها, كما تستخدم للتنبؤ بالنتائج المستقبلية بناء على الأنماط التي تم اكتشافها.
كذلك, يمكن أن تساعد في اكتشاف الاحتيال أو المشكلات الأمنية من خلال تحليل الأنماط غير الطبيعية, إضافة إلى ذلك, يمكن استخدامها للتعرف على قاعدة المستخدمين بشكل أفضل وفهم سلوكهم, أو لتحديد الأماكن التي تسبب تباطؤا في النظام والاتصالات أو الاعتماديات التي قد تؤثر على كفاءة الأداء.
يمكن تنفيذ عملية تعدين البيانات بطرق مختلفة, إما بشكل تلقائي, حيث يتم استخدام البرمجيات والأدوات لأداء التحليل بدون تدخل بشري مباشر, أو بشكل شبه تلقائي, حيث يدمج التدخل البشري مع الأدوات البرمجية لتحسين نتائج التحليل وضمان دقتها.
العملية القياسية المشتركة لاستخراج البيانات CRISP-DM هي نهج تم وضعه في عام 1999 لتوحيد عملية التنقيب في البيانات في جميع الصناعات, اكتسب شهرة واسعة و لازال يستخدم حتى يومنا هذا. [3]
يتكون هذا النهج من ست مراحل ويتميز بكونه نهج مرن يسمح للمحللين بالتنقل بين المراحل المختلفة حسب الحاجة, يتكون هذا النهج من الخطوات التالية:
يجب أولا فهم المشروع وتحديد أهدافه وذلك ليكون الغرض من التنقيب واضحا, يكون ذلك بطرح الأسئلة أو تحديد مشكلة ما يمكن للتنقيب في البيانات معالجتها.
بعد تحديد الهدف من العملية, تأتي الخطوة الثانية وهي جمع البيانات, يجمع الفريق جميع البيانات اللازمة للإجابة عن السؤال أو المشكلة التي تم تحديدها, وذلك من جميع المصادر وعلى اختلاف أنواع البيانات سواء أكانت مهيكلة أو غير مهيكلة مثل النصوص والصور.
ثم يقومون بدراسة مجموعة البيانات المتاحة للتعرف على محتواها وخصائصها, هذا يتضمن فهم أنواع البيانات الموجودة, مصادرها, وكيفية تنظيمها, بالإضافة إلى التعرف على أي أنماط أو تفاصيل قد تكون مفيدة في المراحل التالية من التحليل.
تبدأ بعد ذلك مهمة تحضير البيانات, وهي تجهيز مجموعة البيانات النهائية التي تحتوي المعلومات اللازمة لحل المشكلة أو السؤال, يكون ذلك بتحديد الأبعاد والمتغيرات التي التي يجب استكشافها وتحليلها, ثم تنظيم البيانات وتنسيقها بحيث تكون جاهزة لإنشاء النموذج, هذا التحضير الدقيق يساعد في ضمان أن البيانات ستكون مفيدة وفعالة في عملية التحليل والنمذجة, مما يعزز من دقة النتائج وفعالية الحلول المقترحة.
كخطوة لاحقة بعد تحضير البيانات, يأتي دور خطوة اختيار تقنية النمذجة المناسبة لمجموعة البيانات, هناك تقنيات متعددة, على سبيل المثال يمكن أن تكون التجميع أو التنبؤ أو التصنيف أو مزيجا منها.
يجب أن تتناسب التقنية مع المتغيرات والأبعاد التي اخترتها, ماذا لو لم تتناسب؟ الأمر بسيط, لقد ذكرنا أن نهج التنقيب في البيانات مرن, أي يمكنك العودة الى الخطوات السابقة, لذلك إذا رأيت أن التقنية التي اخترتها تحتاج الى متغيرات إضافية, يمكنك بسهولة العودة الى خطوة تحضير البيانات وتحديث المتغيرات, مع ضرورة ضمان أنها تتناسب مع النموذج الذي تطوره.
بعد تطوير النموذج تأتي خطوة تقييم أدائه لضمان أنه سيحقق أهداف المشروع, يمكنك فعل ذلك بتقييم إجاباته على الأسئلة التي زودته بها, وإذا قدم إجابات لا صلة لها بالسؤال الحقيقي فيحب أن تأخذ بعين الاعتبار بعض التعديلات في النموذج بالعودة الى الخطوات السابقة.
هذه الخطوة مهمة جدا, حيث تتيح لك معرفة مدى تقدم أداء النموذج وأنه في النهاية سيحقق الهدف المطلوب.
بعد التأكد من دقة النموذج وموثوقيته, يحين دور نشره وتطبيقه في الواقع, يمكن فعل ذلك بنشره في المؤسسة أو الشركة أو مشاركته مع العملاء.
التقنيات المستخدمة في تحويل البيانات الخام الى معلومات قيمة, ما يلي: [4]
هي قواعد تستخدم في تحليل البيانات لتحديد العلاقات بين عناصر البيانات المختلفة, هذه القواعد توضح كيف أن وجود عنصر أو أكثر (مثل منتجات معينة) يرتبط بوجود عناصر أخرى. يتم استخدام معايير مثل الدعم (الذي يقيس مدى تكرار ظهور هذه العناصر معا) والثقة (التي تعكس دقة العلاقة "إذا-ثم") لتقييم هذه العلاقات, تستخدم هذه القواعد بشكل شائع في تحليل بيانات المعاملات مثل تحليل سلة السوق، وتعد مجالا نشطا في أبحاث استخراج البيانات.
تقوم على تصنيف البيانات إلى فئات محددة مسبقا, حيث تحمل هذه الفئات خصائص محددة أو تظهر جوانب مشتركة بين العناصر المختلفة, على سبيل المثال، إذا كانت لدينا بيانات عن عملاء في متجر، فقد يتم تصنيفهم إلى فئات بناء على العمر، الدخل، أو تفضيلات المنتجات.
الغرض من التصنيف هو تنظيم البيانات بشكل منظم بحيث يمكن تحليلها بسهولة واستخدامها لاتخاذ قرارات مستنيرة, عند وضع البيانات في فئات، يمكن للشركات أو المحللين رؤية الأنماط أو الاتجاهات بسهولة أكبر, هذا يساعد على فهم الخصائص المشتركة بين عناصر البيانات ويتيح لهم إجراء تنبؤات أو تحديد استراتيجيات معينة.
في التجميع, يتم جمع البيانات ذات الخصائص المتشابهة مع بعضها البعض في مجموعة واحدة, بحيث تكون متخلفة عن البيانات في المجموعات الاخرى, الفرق بينه وبين التصنيف في أن التجميع تكون المجموعات أوسع وأشمل.
تستخدم في التصنيف أو التنبؤ بناء على مجموعة من القرارات, يكون بذلك عبر بناء هيكل شجري يتكون من مجموعة من الأسئلة التي تجيب على استفسارات محددة. تبدأ شجرة القرار بسؤال رئيسي أو قرار أساسي، ومن ثم تتفرع إلى أسئلة أخرى بناء على الإجابات التي تعطى, كل سؤال يقود إلى مجموعة من الفروع التي تمثل الخيارات المختلفة، وكل خيار يؤدي إلى عقدة جديدة تحتوي على مزيد من الأسئلة أو تصل إلى قرار نهائي.
الشبكة العصبية هي تركيب يشبه الدماغ البشري, تتكون من العقد التي تعتبر نقطة معالجة البيانات, تستخدم الشبكات العصبية لمعالجة وتحليل البيانات بطريقة تشبه كيفية معالجة الدماغ البشري للمعلومات، مما يجعلها قوية في التعلم من البيانات واكتشاف الأنماط المعقدة.
هو عملية تستخدم المعلومات التاريخية لإنشاء نماذج تهدف إلى التنبؤ بالنتائج المستقبلية, حيث يعتمد على البيانات السابقة لبناء نماذج رسومية أو رياضية, والتي تستخدم للتنبؤ بكيفية تغيير الأمور في المستقبل بناء على الأنماط والاتجاهات التي تم اكتشافها في البيانات الماضية.
من فوائد التنقيب في البيانات: [5]
على سبيل المثال، يمكن أن يساعد تحليل بيانات سلسلة التوريد في تحديد فرص تقليل أوقات التسليم وتحسين إدارة المخزون.
من خلال الاستفادة من الرؤى القائمة على البيانات، يمكن للشركات التميز وتحقيق موقع سوق أقوى.
يتيح هذا النهج الاستباقي للمؤسسات اتخاذ تدابير وقائية وتخفيف المخاطر بشكل فعال.
يستخدم التنقيب في البيانات في مجموعة متنوعة من التطبيقات العملية عبر مختلف الصناعات, إليك بعض الأمثلة على تطبيقات عملية للتنقيب في البيانات:
الخاتمة
ختاما, البيانات الخام بمفردها لا تحقق قيمة ملموسة دون تحليلها وتحويلها إلى معلومات مفيدة, لذلك يعتبر التنقيب في البيانات أداة حيوية لاكتشاف الأنماط والعلاقات المخفية التي يمكن أن تقود إلى قرارات استراتيجية مدروسة. بينما يركز تحليل البيانات على تفسير المعلومات الحالية للإجابة على أسئلة محددة، يهدف التنقيب في البيانات إلى اكتشاف معلومات جديدة قد تكون غير واضحة.
التقنيات المستخدمة في التنقيب تشمل قواعد الارتباط, التصنيف، التجميع, أشجار القرار, الشبكات العصبية, والتحليل التنبؤي, والتي تسهم جميعها في تحسين اتخاذ القرارات، تعزيز فهم العملاء، زيادة الكفاءة، وتقديم ميزة تنافسية. إن تطبيق هذه التقنيات يمكن أن يؤدي إلى نتائج ملموسة عبر مختلف الصناعات، من التسويق إلى الرعاية الصحية, مما يعزز من أهمية التنقيب في البيانات في العصر الحديث. أتمنى أن يكون المقال قد زودك بكل المعلومات اللازمة عن التنقيب في البيانات, وأصبحت لديك صورة أوضح عنه.
المصادر