يكمن الفرق بين ذكاء الأعمال وتحليل البيانات في جوانب أساسية مثل المفهوم, الأنواع, نوع البيانات ومصدرها والتقنيات المستخدمة والمهارات والمتطلبات.
عندما يتعلق الأمر بتحسين القدرة على اتخاذ القرارات في المؤسسات أو الشركات أو أي نوع من الأعمال, فإن التكنولوجيا دائما ما تكون في صدارة الحلول التي يجب النظر إليها, تعتمد المؤسسات الذكية على حلول متقدمة لتوجيه عملياتها واتخاذ قراراتها بشكل دقيق وفعال, إحدى هذه الحلول التي تبرز في هذا السياق هي تحليل البيانات.
تحليل البيانات باستخدام تقنيات حديثة سواء من خلال الأدوات المتطورة لتحليل البيانات أو ذكاء الأعمال, يتيح للشركات تحويل البيانات الخام الى معلومات قيمة تساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة, بدلا من الاعتماد على الحدس أو الافتراضات. كما يمكن لهذه التحليلات تحديد نقاط القوة والضعف في العمليات المختلفة, والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية في السوق واحتياجات العملاء.
لكن يبقى السؤال الأهم: ما الفرق بين ذكاء الأعمال وتحليل البيانات؟ هل لهما نفس الوظيفة؟ أم أن لكل منهما دور محدد؟ وكيف يمكن للشركات أن تختار بينهما لعملية التحليل؟ في هذا المقال سنوضح الفروقات بينهما في الجوانب التالية: المفهوم, الأنواع, نوع البيانات والتقنيات المستخدمة, والفترة الزمنية, وأخيرا المهارات المطلوبة, لذا تابع المقال حتى النهاية.
مفهوم ذكاء الأعمال
ذكاء الأعمال هو مفهوم شامل يركز على تحويل البيانات الى معلومات استراتيجية تساعد المؤسسات على اتخاذ قرارات ذكية تعتمد على رؤية شاملة, بعكس تحليل البيانات الذي يركز على استقصاء مشاكل محددة, فإن ذكاء الأعمال يعتمد على أنظمة تكنولوجية مصممة لجمع البيانات من مصادر مختلفة, و معالجتها وتقديمها في شكل لوحات تحكم وتقارير تفاعلية بصيغة مرئية واضحة. [1]
المفهوم الأساسي لذكاء الأعمال يتمحور حول استخدام الأدوات البرمجية لتوفير رؤى في الوقت الفعلي حول أداء الأعمال, سواء على مستوى المبيعات، الإنتاج, أو الأداء المالي.
يتم توظيف هذه الرؤى بشكل مباشر في توجيه القرارات الاستراتيجية, لوحات التحكم الخاصة بذكاء الأعمال غالبا ما تحتوي على مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs, والتي تعطي صورة شاملة عن الوضع الحالي للمؤسسة وتسمح باتخاذ قرارات سريعة ودقيقة.
ذكاء الأعمال ليس مجرد تحليل للماضي, بل هو أداة لتخطيط المستقبل, حيث يتيح لأصحاب القرار القدرة على التنبؤ بالتوجهات المستقبلية ووضع خطط استراتيجية بناء على البيانات المتاحة. وبالتالي, فهو يعتمد على التكامل بين البيانات من مختلف الأقسام لتقديم رؤية شاملة تعزز الكفاءة وتدعم النمو المؤسسي.
مفهوم تحليل البيانات
تحليل البيانات هو عملية تقنية تركز على استخراج رؤى دقيقة من البيانات الخام, يشمل هذا المفهوم استخدام أساليب إحصائية و خوارزميات تعلم الآلة وتقنيات رياضية لتحليل مجموعات البيانات المتنوعة, سواء كانت هذه البيانات منظمة Structured أو غير منظمة Unstructured.
العملية تبدأ من جمع البيانات من مصادر مختلفة, مثل قواعد البيانات أو السجلات الرقمية, يليها تنظيف البيانات, حيث يتم إزالة أو تصحيح البيانات غير الدقيقة أو المفقودة.
بعد ذلك, يتم تحليل البيانات باستخدام أدوات مثل النماذج التنبؤية, التحليل الاستكشافي, أو التحليل الوصفي. الهدف هو الكشف عن الأنماط الخفية في البيانات, مثل سلوك المستخدمين و التوجهات السوقية أو التنبؤات المالية.
تحليل البيانات يعتبر عملية استقصائية بحتة, حيث يهدف الى تقديم فهم معمق عن قضية معينة, غالبا ما يتم استخدامه لحل مشكلات محددة داخل المؤسسة, مثل تحسين كفاءة العمليات أو زيادة رضا العملاء. على هذا الأساس, يتم إنشاء تقارير أو رسومات بيانية تساعد الفرق التنفيذية على فهم ما حدث ولماذا حدث, لكن التركيز الرئيسي هنا يكون على الفهم التفسيري لما تشير إليه البيانات المتاحة.
أحد الفروق الأساسية بينما الى جانب المفهوم والهدف, هي أنواع كل منهما, بينما يوجد 4 أنواع لتحليل البيانات, هناك نوعين فقط لذكاء الأعمال, نبينها فيما يلي:
أنواع ذكاء الأعمال
أنواع تحليل البيانات
ذكاء الأعمال
يتعامل ذكاء الأعمال مع البيانات المنظمة والمهيكلة فقط, وذلك لأنه يعتمد في استخراج البيانات على مصدر واحد والذي قد يكون إما قاعدة بيانات Database أو مستودع البيانات Data Warehousing, بحيث تكون البيانات في هذه المصادر نظيفة ومنظمة بشكل يتيح للمستخدمين اتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة وموثوقة, هذا يساهم في تحسين كفاءة العمل ويساعد في توجيه الاستراتيجيات المستقبلية بناء على فهم شامل للأداء الحالي, من الأمثلة على البيانات التي يتعامل معها ذكاء الأعمال, البيانات المالية أو بيانات العملاء.
كون البيانات التي يتعامل معها منظمة ومهيكلة, هذا يجعل تحليلها أسهل من البيانات غير المنظمة, لذلك تكون أدوات ذكاء الأعمال سهلة الاستخدام بحيث يمكن للجميع استخدامها دون الحاجة الى مهارات تقنية متقدمة. أدوات مثل لوحات المعلومات والتقارير والتصورات البصرية, عادة ما تستخدم في ذكاء الأعمال لتوفير تحليل مفصل حول البيانات و نقل الرؤى وتحفيز اتخاذ القرارات.
تحليل البيانات
على الجانب الآخر, يعتمد تحليل البيانات على جمع المعلومات من مصادر متنوعة, مثل وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الويب وأنظمة إدارة علاقات العملاء, وغيرها. يمكنك أن تتخيل نوع البيانات الموجودة في المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي, فقد تشمل صورا, وفيديوهات, وأصواتا, وغيرها.
نتيجة لذلك, تكون طبيعة البيانات متنوعة بين منظمة وغير منظمة أو شبه منظمة, مما يتطلب استخدام تقنيات أكثر تعقيدا لاستخلاص الرؤى منها. تشمل هذه التقنيات التنقيب في البيانات ومعالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي, التي تستخدم لمعالجة البيانات واكتشاف الأنماط والعلاقات الخفية.
ذكاء الأعمال
يركز ذكاء الأعمال على توفير رؤى قصيرة الأمد, أي معلومات تساعد المؤسسات على اتخاذ قرارات فورية في الوقت الحقيقي, بحيث تكون قادرة على اتخاذ قرارات سريعة تتناسب مع المتغيرات اليومية, أي يهدف الى دعم القرارات اليومية التي تؤثر بشكل مباشر على عمليات المؤسسة.
بشكل عام, يضمن قدرة المؤسسات على الاستجابة بشكل فعال للتحديات والفرص التي تظهر يوميا, مما يساعد في تعزيز مرونتها واستدامتها في بيئة الأعمال المتغيرة, وتحقيق أهدافها بكفاءة أعلى.
تحليل البيانات
أما تحليل البيانات فهو يركز على الرؤية طويلة الأمد, حيث يعتمد على البيانات التاريخية لتحليلها واستخلاص الرؤى منها, وفهم العلاقات و الأنماط فيها من أجل دعم القرارات في المستقبل من خلال التنبؤ بالاتجاهات القادمة.
باستخدام أساليب تحليلية متقدمة, يمكن لمحللي البيانات تحديد كيف يمكن أن تتطور الأمور في المستقبل بناء على المعطيات التاريخية, مما يمنح المؤسسات القدرة على التخطيط الاستراتيجي واتخاذ قرارات مدروسة.
يختلف كل منهما عن الآخر بالتقنيات والأدوات المستخدمة, وبالتالي اختلاف درجة التعقيد بينهما, لذلك يتطلب أحدهما مهارات متقدمة في البرمجة, بينما الآخر لا يعتمد على البرمجة من الأساس, فيما يلي توضيح للمهارات التي يتطلبها كل منهما:
ذكاء الأعمال
تتضمن المهارات الأساسية لذكاء الأعمال عدة جوانب مهمة تساهم في تعزيز كفاءة العمل, مثل إدارة البيانات وجمعها, يعد أساسيا لفهم كيفية الحصول على المعلومات وتنظيمها بشكل مناسب. [2]
كما أن مفاهيم مخازن البيانات تساعد في تخزين البيانات بشكل منهجي, مما يسهل الوصول إليها وتحليلها. بالإضافة الى ذلك, فإن فهم مصادر البيانات المتنوعة وتطبيقات تبادل البيانات يعد ضروريا لتحديد كيفية استخدام البيانات من مصادر مختلفة بفعالية. أيضا مهارات شخصية مثل مهارات العرض و التواصل, وحل المشكلات والانتباه الى التفاصيل, تعد مطلوبة.
تحليل البيانات
يتطلب تحليل البيانات مهارات أكثر تقدما, مثل معرفة واسعة في لغات البرمجة التالية: Python و SQL و R, بالإضافة الى فهم جيد للإحصائيات.
سيكون من الجيد امتلاك مهارات تحليلية, لتمكينهم من استخلاص الأنماط والاتجاهات من البيانات وترجمتها الى معلومات مفيدة, التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات ضرورية لتقديم حلول مبتكرة.
الخاتمة
في الختام, يتبين أن هناك فرقا رئيسيا بين ذكاء الأعمال وتحليل البيانات, حيث يخدم كل منهما غرضا مختلفا ويعتمد على استراتيجيات وأدوات متنوعة. يركز ذكاء الأعمال على تحويل البيانات الى معلومات استراتيجية تدعم اتخاذ قرارات سريعة وفعالة, من خلال لوحات التحكم و التقارير التفاعلية. بينما يعنى تحليل البيانات باستكشاف البيانات الخام باستخدام أساليب إحصائية وتقنيات متقدمة لفهم الأنماط والاتجاهات.
كما يختلف كل منهما في نوع البيانات, حيث يتعامل ذكاء الأعمال بشكل أساسي مع البيانات المنظمة, بينما يتطلب تحليل البيانات القدرة على التعامل مع بيانات متنوعة تشمل غير المنظمة. تختلف أيضا الفترة الزمنية لكل منهما, إذ يركز ذكاء الأعمال على القرارات الفورية, بينما يسعى تحليل البيانات لاستنباط رؤى طويلة الأمد.
وفيما يتعلق بالمهارات المطلوبة, يتطلب ذكاء الأعمال مهارات إدارة البيانات, بينما يحتاج تحليل البيانات الى مهارات برمجية وإحصائية متقدمة, هذا التباين يعكس أهمية كلا المجالين في دعم استراتيجيات الأعمال وتحقيق الأهداف المؤسسية.
المصادر